النزوح في السودان.. ملايين النساء والأطفال يعانون الجوع والعنف والانتهاكات
النزوح في السودان.. ملايين النساء والأطفال يعانون الجوع والعنف والانتهاكات
يعاني السودانيون كابوسًا يأبى أن ينتهي، حيث يعيش نحو 11.4 مليون نازح داخل السودان نتيجة الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، وفقًا لتقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA).
يتوزع هؤلاء النازحين، وأغلبهم من النساء والأطفال، على ولايات “آمنة نسبياً”، لكنهم يفتقرون إلى مراكز إيواء مجهزة، ويعتمدون على المساجد والمدارس لإيوائهم، في حين يفترش الآلاف الطرقات تحت المطر والشمس، دون مياه أو دواء، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأكدت منال الأول، ناشطة سياسية بارزة وعضوة في شبكة النساء السودانيات، أن الصراع المستمر منذ أكثر من عامين أثر بشكل كبير في النساء اللواتي يتحملن أدوار المعيلات وحماة الأسرة. 2.5 مليون فتاة نازحة حُرمن من التعليم، وكُثر منهن يتعرضن للعنف الأسري أو يُقدمن على الزواج المبكر كـ"وسيلة للنجاة".
وأضافت أن نساء المناطق المشتعلة يُجبرن على الخروج بحثًا عن الغذاء والماء تحت القصف، معرضات للانتهاكات والعنف الجنسي، حتى إن الصراع أصبح "يشن حربًا على أجسادهن" كما وصفتها.
انتهاكات جنسية بلا رادع
وثقت منال الأول جرائم اغتصاب ترتكبها أطراف الصراع في أماكن عامة، مع غياب تام للقانون والمحاسبة، وتُعدّ هذه الأساليب “كجزء من الحرب”، وما خفي منها "أبشع بكثير مما تم توثيقه".
وتقوم الناشطات بتقديم دعم نفسي لأولاء اللاتي تعرضن للاغتصاب، مع تحذير من تصاعد حالات الانتحار بين الفتيات الصغيرات بسب التروما.
إلى جانب النازحين داخليًا، لجأت أعداد هائلة من النساء والسكان إلى دول الجوار -أكثر من 4 ملايين شخص في أوغندا وحدها- إضافة إلى المئات في معسكرات أخرى.
وهناك حالات وفاة بسبب الجوع والعطش في الطريق، كما تشكو الناشطات من نقص غذاء، خدمات صحية، دعم نفسي مهمش .
التأثير الصحي والنفسي
يشير تقرير UNFPA إلى أن أكثر من 2.7 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب بحاجة ماسة لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك 272 ألف حامل متوقعة ولادة خلال أشهر.
وحذرت التقارير من أن 80% من المرافق الصحية توقفت عن العمل، مما يعرض النساء لخطر الولادة غير الآمنة والمضاعفات الصحية الخطيرة .
كما وثّق المنظمون ارتفاعًا كبيرًا في العنف القائم على النوع الاجتماعي (GBV)، بما في ذلك حالات اغتصاب جماعي في المخيمات.
نداء لتدخل عاجل
يعمل صندوق السكان عبر عيادات متنقلة ومراكز حماية، استفاد منها أكثر من 750 ألف شخص، كما أُنشِئت أكثر من 71 وحدة طوارئ صحية و64 مركزًا آمنًا للنساء.
لكنّ نحو 70% من التمويل اللازم لم يُقدّم بعد، مع وجود فجوة مالية تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
ودعا المسؤولون إلى "وقف الحرب فورًا، وضمان مراعاة القانون الإنساني، وحماية البنى المدنية والخدمات الأساسية، خاصة للنساء والفتيات".
ضحايا بلا حماية
تؤكد هذه الأزمة أن النساء والأطفال في السودان ليسوا فقط ضحايا الحرب، بل محور دمار شامل يتراوح بين الحرمان من التعليم، وانتشار العنف الجنسي، وضعف الرعاية الصحية النفسية والجسدية.
وتدعو الناشطات إلى تدخل عاجل -محلي ودولي- لوقف النزيف المستمر وتقديم الدعم المناسب للحماية، حتى لا تُدفن النساء أخيرًا تحت أنقاض معارك لم يبنينها.